وزير التجارة يلقي كلمة المملكة في القمة العالمية للتنمية المستدامة

26 جمادى الثانية 1423

​ألقى معالي وزير التجارة الأستاذ/أسامة بن جعفر فقيه رئيس وفد المملكة العربية السعودية إلى القمة العالمية للتنمية المستدامة يوم الثلاثاء 26/6/1423هـ كلمة المملكة في القمة المنعقدة حاليا في مدينة جوهانسبيرج في جنوب أفريقيا. وقد نقل معالي الوزير في بداية الكلمة تحيات وتمنيات خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين لفخامة الرئيس ثابو مفويلوا مبيكي وأصحاب الفخامة والمعالي رؤساء الوفود معبراً لفخامة رئيس جنوب أفريقيا عن شكر المملكة وتقديرها لحكومة وشعب جنوب أفريقيا الصديق على استضافة هذه القمة العالمية المرموقة وتقديرها لما بذل من جهود مميزة ومساعٍ موفقة لتوظيف معطيات هذه القمة لبلوغ أهداف التنمية المستدامة لشعوب الأرض قاطبة وإرساء مبادئ تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص في العيش الكريم لجميع فئات المجتمع الإنساني.

كما عبّر عن شكره لمعالي الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان لما جاء في محصلة تقاريره حول نتائج الاجتماعات التحضيرية لهذه القمة من توصيات قيمة ومعلومات موثقة وخطط عملية متكاملة.

وقال: إن عقد هذه القمة العالمية للتنمية المستدامة يمثل اعترافا بحق الدول النامية والأقل نمواً في الحصول على نصيبها المشروع من ثمار التنمية الشاملة وتحقيق قدر معقول من مقومات الحياة الكريمة لشعوبها وذلك من خلال المشاركة الفعالة في عملية صنع القرار الاقتصادي الدولي بمختلف أبعاده كما يؤكد الحاجة إلى تجديد الالتزام بمبادئ التضامن والتعاون البناء لمواجهة تداعيات الأحداث والتحديات المتنامية التي يشهدها عالمنا اليوم مما يحتم علينا تدشين مرحلة جديدة من العمل الجماعي الجاد لمواجهة هذه التحديات وتحمل المسؤولية المشتركة حيالها من خلال منظور واقعي يستوعب أولويات اهتماماتنا المشتركة ويضع قضايانا المتلازمة في إطار استراتيجية شمولية تحقق التوازن المنشود بين متطلبات الشراكة الحقيقية في ظل مفهوم الاعتماد المتبادل بين أعضاء الأسرة الدولية وتكفل احترام السيادة الوطنية والخصائص الحضارية التي تميز المجتمعات الإنسانية وفق مواثيق الأمم المتحدة ومقاصدها النبيلة.

وأضاف: إننا لنأمل مخلصين في أن تتوج فعاليات هذه القمة بقرارات موضوعية تتسم بالشفافية والتوازن وتؤكد الالتزام بمبادئ العدل والمساواة وإزالة مظاهر الظلم والقهر والحرمان لكي تسهم بعون الله تعالى في تجسيد ما تصبو إليه البشرية من رقى وتقدم والتعايش في كنف الأمن والسلام واحترام كرامة الإنسان أينما وجد.

وبيّن أن المؤشرات والإحصائيات الصادرة عن الأمم المتحدة مؤخراً أثبتت أن المبادرات والجهود التي بذلت لتوفير مقومات التنمية المستدامة منذ اعتماد جدول أعمال القرن الحادي والعشرين في ريو عام 1992م قد سارت جميعها بخطى متعثرة وبطيئة للغاية ولم تكن نتائجها في الدول النامية والأقل نمواً بمستوى التوقعات والآمال ويعود ذلك في المقام الأول إلى ضعف الإرادة السياسية وافتقار خطط العمل للواقعية واصطدامها بالشروط التعسفية التي أدت إلى شح مصادر تمويلها وارتفاع ميزان أعبائها وبالتالي انحسار آثارها التنموية الملموسة.

وقال انه بالرغم من التحسن النسبي الذي طرأ على الأوضاع الاقتصادية في عدد من دول العالم خلال عقد التسعينيات تأثراً بتيارات العولمة والانفتاح وتطور وسائل تقنية المعلومات والاتصالات الحديثة إلا أن شعوب الدول النامية لم يكن لها حظ يذكر من هذه النتائج، إذ ما زالت هذه الدول تعاني من تراجع معدلات النمو وتفاقم مشاكل الفقر والجوع والبطالة وانتشار الأمراض المعدية بالإضافة إلى تضخم أعباء الديون والهبوط المستمر في مستوى الدخل الفردي الأمر الذي ساهم في تهميش هذه الدول وإيجاد فجوة عميقة من عدم المساواة والتكافؤ في فرص التنمية الاقتصادية والاجتماعية فيما بينها وبين شعوب الدول المتقدمة.

وأكد معالي الوزير أن المملكة العربية السعودية دأبت منذ نشأتها وانطلاقا من قناعتها الراسخة بحتمية التعاون الدولي والمسؤولية المشتركة عن مكافحة مظاهر التخلف والحرمان على تسخير إمكانياتها ومواردها في دفع المسيرة الوطنية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

وسعت في الوقت ذاته من خلال المؤسسات الوطنية والإقليمية والدولية التي أسهمت في إنشائها وتحمل قسط وافر من أعبائها إلى توفير المساعدات المالية والتنموية الميسرة والمنح غير المستردة للعديد من الدول النامية والأقل نمواً لإعانتها على تنفيذ برامج التنمية ومواجهة تحدياتها.. حيث بلغت جملة مساعدات المملكة لهذه الدول خلال العقود الثلاثة الماضية نحو (76) ستة وسبعين مليار دولار منها حوالي (40) أربعين مليار دولار قدمت خلال العقدين الماضيين وتمثل نحو (4) بالمائة من المتوسط السنوي للناتج القومي للمملكة وقد استفادت منها (73) دولة نامية في مختلف القارات من بينها (41) دولة أفريقية كما استجابت المملكة لنداء مؤتمر القمة الإسلامي السادس عام 1992م بإعلانها إلغاء ستة مليارات دولار من الديون الرسمية المستحقة على عدد من الدول النامية والأقل نمواً.

ومضى معاليه يقول: إننا ندعو الدول المتقدمة في هذا السياق إلى تأكيد التزامها بتفعيل وتطوير آليات التعاون الاقتصادي والتقني مع دول الجنوب وتحمل مسؤولياتها في تعبئة الموارد اللازمة لدفع عجلة النمو وتشجيع تدفق التمويل الميسر لتنفيذ برامج التنمية في الدول النامية والأقل نمواً على وجه الخصوص، وذلك من خلال السعي الحثيث لتحقيق الأهداف التالية:

  1. تخصيص (0,7) بالمائة سنويا من الناتج القومي الإجمالي كمساعدات إنمائية للبلدان النامية والأقل نمواً خلال العقد الحالي.
  2. تحسين سبل إيصالها لشعوب البلدان المستهدفة.
  3. اعتماد آليات مبتكرة لمعالجة مشاكل الديون الخارجية للدول الأقل نمواً.
  4. بإلغاء الجزء الأكبر منها وتخفيف أعباء الجزء الآخر وتحويله كروافد لتمويل برامج التنمية وتحفيز الاستثمار في هذه البلدان.
  5. تفعيل آليات النظام التجاري متعدد الأطراف بما يكفل نفاذ صادرات الدول النامية إلى الأسواق العالمية.
  6. تعزيز قدرتها على جذب الاستثمارات وتيسير الاستفادة من التقنيات الحديثة وخاصة في حقل صناعة الدواء ومكافحة الأوبئة والأمراض المستعصية.

وأوضح معاليه: أن ظهور منظمة التجارة العالمية إلى حيز الوجود في مطلع عام 1995م كان حدثا له مدلولاته الواسعة في تعزيز العلاقات الاقتصادية الدولية.. فقيام هذه المنظمة وفر الركيزة الأساسية الثالثة لمنظومة المؤسسات الاقتصادية العالمية الفاعلة حيث أنيط بهذه المنظمة مسؤولية الإشراف على سلامة تطبيق قواعد النظام التجاري متعدد الأطراف وأن تكون محفلا لمواصلة المفاوضات التجارية الشاملة.

ولفت معالي وزير التجارة النظر إلى أن منظمة التجارة العالمية لم تتمكن بعد من تحقيق تطلعات البلدان النامية فالمنظمة لم تنجح حتى الآن في إلزام معظم أعضائها بالتنفيذ الكامل والأمين للاتفاقيات المبرمة في إطارها ولم تستطع الوقوف في وجه تيار التدابير الحمائية الجديدة وقد أفضى ذلك إلى تنامي الشعور بالغبن لدى الدول النامية وازدادت شكوكها حول مدى إنصاف وعدالة النظام التجاري الدولي وتنامي الشعور على نطاق واسع بأن الفوائد الموعودة لهذا النظام قد ضلت الطريق ولم تصل إلى هذه البلدان قط.

آخر تعديل 20 صفر 1440
تقييم المحتوى   
شارك على